الثلاثاء، 12 مايو 2020

⚜️سقوط بغداد.











الرواتب في دار الازياء لم تكن تصرف وتوزع بشكل مساو او وفق قانون معين!
فكل حسب أهميته بالنسبة للمديرة والفائدة منه.

بالنسبة لي كمصمم للدار ورئيس للحرفيين كنت اخذ راتبي ثابت شكلا.. يتناسب مع بقية الموظفين للناظرين بفضول من الخارج، ولكن من الداخل كانت تصرف بصيغ مكافئات اضافية على انتاج البدلات والقطع والاعمال الفنية. 

تلك الرواتب كانت من ميزانية الديوان وليس من جيبها الخاص.
كنت اخذ على كل تصميم مبلغ 300.000 دينار عراقي اضافة لاجور السائقين اللذين يتناوبون في طريقة نقلي من الكلية والى دار الازياء وعودتي.. وكان هذا حق وليس تفضل منها علي! فلا وجود لمجال تصميم الازياء في العراق وحتى كلية الفنون الجميلة ومعهد الفنون الجميلة في العراق يفتقر لقسم تصميم الازياء لغاية تخرجي عام 2006!

وهذا كان السبب الاول في عدم تفهم اساتذتي في الكلية عملي! حيث كنت اعمل في مجال جديد لا وجود له في الكلية! ويخبروني انه ليس هنا فرع لتصميم الازياء في الكلية! والكثير من الناس يجهل ماهية تصميم الازياء، تصميم الازياء هو فكرة وموهبة ولمسة تضعها على القماش حتى لو كان الحرفي يمتلك انامل من صخر!

بعد الانتهاء من بدلات العرض التاريخي اللية الثانية بعد الالف لمهرجان بابل. 
 صممت عرض الحرف العربي، وهو زي فلكلوري اسخر فيه الحروف العربية واستخرج روحية الحرف لتلف بشكل ديناميكي على جسد المرأة، قمت بالتصميم كالعادة ولم يكن الهدف من العمل البيع! طلبت مني إنقاذ الاقمشة التالفة من الصوف الأبيض المكدس الذي كان سكن للحشرات، قمت باضافة أفكار من خلال عمليات صباغة إضافية للقماش و المزواجة بالتطعيم باقمشة اخرى.. كان هذا قبل سقوط بغداد عام 2003 وليس كما ادعت 2004 
 
بعد تصميم وإنجاز أكثر من 44 قطعة، (عرض كامل) اختفت جميع القطع فجأة وبعد إجازة للمديرة دامت لأسبوع!

في اجتماعي معها بعد تلك الاجازة اخبرتني قائلة: مهيمن عليك إعادة تصميم العمل وإنتاجه من جديد، اخبرتها ولكن اين العمل اين القطع؟ قالت لي: تم تسليمها هدايا لزوجات المسئولين! فقط انس الامر وقم فيما طلبت منك.

بعد ايام زارتني احدى العارضات لمكتبي وهمست في اذني سرا: مهيمن لا تخبر أحد ارجوك.. كنا في إجازة مع المديرة في دولة الامارات حيث تم من خلالها بيع جميع اعمالك، حصلت المديرة على الكثير من الاموال وكنا نعرض تلك الأزياء معها واعطتنا مكافئات ايضا لكل فتاة! حيث تم بيع كل قطعة بمبلغ 3000 دولار! اي  مجموع الربح لجميع القطع مايعادل 132.000 دولار! هذا المبلغ في وقت ما قبل الحرب كان مبلغ كبير جدا! والمديرة لم تعلمني بذلك! ولو سئلتها لكانت انكرت او هددت بسراديب الامن!

بيعت اعمالي للحرف العربي ولم اعرف بذلك ولم احصل حتى على كتاب شكر او اثبات عن العمل المباع تلك سياسة المديرة، الهدف منها سلب المصمم حقوقه بالكامل، ولا اثبات عن العمل.. فلا فرصة للمطالبه بحقوقه.. النية من تلك السياسة هي اضعاف شوكة المصمم امام الشركات او المعامل في حال الحصول على عرض مغر او التفكير بالهروب خارج البلاد! فهي تجرد المصمم من توثيق اعماله او حتى امتلاكه كتاب رسمي يشيد بإنجازه او اعمله، ويتم حرمانه من السفر بعد ربط موقفه من الخدمة العسكرية امام دائرة التجنيد بعمله بدار الازياء التي تعتبر تابعة لديوان الرئاسة العراقي! 

باشرت مرة اخرى بإنتاج عمل للحرف العربي ولكن بشكل اوسع وسريع هذه المرة.. وكان هذا قبل شهور قليلة من غزوا العراق عام 2003.

19.03.2003 تم غزوا العراق





 

ونهبت الاعمال القديمة واحرقت ولكن المديرة كانت تحتفظ بالأزياء الحديثة التاريخية التي تم تصميمها وانجازها والعمل عليها من صيف 2000 الى 22.09.2002 موعد الافتتاح لمهرجان بابل الدولي السنوي ومن ضمنها الازياء الخاصة بالحرف العربي في بيتها.. انا لا اتحدث عن الازياء القديمة الرثة!
01.05.2003 انتهت الحرب و بدأت الامور تأخذ اتجاه اخر باسم الحرية وما بعد نظام حزب البعث والدكتاتورية.. ومحاسبة اصحاب النفوذ للنظام الرسمي السابق!
استئنفت العمل على القطع من جديد.. فهو عملي الذي احب.




 


 

بقيت المديرة في منصبها ونشاطها لما يقارب سنه بعد انتهاء الحرب 01.05.2003 
تم تحويل دار الازياء العراقية الى وزارة الثقافة لكون ديوان الرئاسة لم يعد له وجود!
 
دخلت تقنية الموبايل لبغداد ولم يعد هناك رقابة وتهديد على تصوير اعمالي 
او تصاميمي خاصة والكاميرا مدمجة في اجهزة النوكيا في وقتها.. فوجدتها فرصة لتوثيق ما استطيع توثيقة من خلال كاميرا الموبايل.

 

في عام 2004 انتهيت من انجاز أكثر من 49 زي لعباءة عربية بإكسسوار المبتكرة وحتى احذيته.. وكان بمثابة حلم للمديرة لأثبات وجودها بالدار كمدير ناجحة بجلدها الجديد.. خاصة بعد ان باعت المجموعة السابقة!
ولو لم تكن بحوزتي تلك الصور والوثائق لكانت ادعت تصاميم هذا العمل ايضا!







هذه كانت اول فرصة لتصوير اعمالي الجديدة داخل الدار بعد سقوط بغداد بعد دخول تقنية المبايل بجهاز Nokia 7610 
عام 2004


 المفاجئة و مالم يكن في الحسبان سكرتيرتها عواطف كانت اول من اوشى بها للجان اجتثاث البعث وارفقت لهم وثائق خاصة بديوان الرئاسة! اساءها كيف انها تطرد من الوظيفة بسبب حزب البعث بينما المديرة بقيت في وظيفتها! فاصبح كل واحد يبلغ عن صاحبه  وعن انتمائة للبعث ويشي به امام الحكومة الجديدة!
 
عواطف كانت تشاركها اسرارها، بدأت بنسخ كتب رسمية بحوزتها ووثائق تتعلق تثبت تورط المديرة فيها وتوضح علاقة المديرة بالدولة! 
ثم وشى بها صديقتها الثانية شيرين مسئولة العارضين والعارضات!
و بدأت الافاعي بعملية تبديل جلودها، فالبعض يلبس نقاب التواضع والبعض الاخر يتغير من دكتاتور شرس الى انسان ودود باكٍ! والبعض يبحث عن حزب او تزكية ليأخذ منصب او مرتب مالي جيد، والبعض يجيد التملق جيدا للحصول على فرص ماكان حتى ليحلم بها! فسبحان مغير الاحوال! 

اما الفقراء من العاملين والحرفيين فانقلبوا الى ما كانوا عليه مسئوليهم في فترة الحكومة الرسمية.. فأصبح الجميع يتكلم ويتصرف باسم الحرية ومنهم من ينتمي الى احزاب، ويتكلم بقوة ويلعن ويشجب ويستنكر ويطالب ويهدد! وكأن تم تبادل الأدوار بينهم!





  


هذا اخر عمل اكلف به موقع باسم المديرة عام 2005 حيث تم احالتها على التقاعد بعد ان احيلت على التحقيق في قضايا خاصة
بالبعث و المسائلة عن المال العام!






بعد ان استبدل الوزير محمد سعيد الصحاف حيث ذهب مسلما نفسه للقوات الامريكية.. تم تنصيب مفيد الجزائري خريف 2004 الذي كانت علاقته وطيدة مع المديرة ..بعد ان تلونت له، فسمح لها بالبقاء رغم اعتراض جميع العاملين والحرفيين في الدار ومنهم سكرتيرة المديرة وصديقتها مسئولة العارضين والعارضات والمدرب.
ولكن احيلت المديرة الى لجنة تحقيق تحقق في الاموال التي صرفت، والرواتب ومساءلتهم بأي حق صرفت تلك المبالغ لهم؟ كطريقة لاسكات العاملين والمشتكين!
2005 July تم تغريم المديرة بشكل ودي وسحب منها جميع السيارات والاجهزة والمعدات التي حصلت عليها من خلال المال العام، و طلب احالتها على التقاعد.. ولكن لم ينفذ امر التقاعد واستمرت بالعمل.



استمر انتاجي للدار بالتصاميم  بشكل متفائل وبدات اشعر ببعض الحرية والسلام والحلم بالمستقبل البعيد..ولكن كان عبثاً..
اصبحت اولي اهمية اكبر لدراستي في الكلية ولا خوف من الامن او سراديبه ..ولا حكم فرعون يلوح في الافق!
 حتى صدامي مع الادارة الجديدة! عام 2005 - 2006










يتبع ...